فتح فِلَسْطِين:
معركة " أَجْنادِين" من الجولات الحربية الكبرى للمسلمين في الشام، إذ آذنت بغروب شمس الروم عن البلاد، وإشراق شمس المسلمين فوق رُبَاهَا وفى مدنها وعلى شواطئها وبَوادِيهَا، وهي من معارك الفتح في فلسطين، الذي كان مهمة عمرو بن العاص وجيشه.
وقد كانت الذاكرة الإسلامية عند التحرك جهة فلسطين وقلبها القدس، تحمل الميراث القرآني العظيم عن هذه المنطقة، التي باركها الله، وجعلها مقصدا للأنبياء، وآخي في القداسة بينها وبين المسجد الحرام، وجعلها الموقع المختار الذي انتهت عنده رحلة الإسراء وابتدأت منه رحلة المعراج.. ولا شك أن نفس المسلم حين تُقْبل على الفتح بهذه الروح ستكون الهيبة ثيابا تزينها، ولن يكون دخول المدينة قتلا ولا نهبا، ولا إفسادا في أرض الله، كما فعلت أمم شتى قبل ذلك وبعده.
وقد جرت معارك الفتح في فِلَسْطِين صراعا بين رأسَيْن كبيريْن في عالم الدهاء، هما عمرو بن العاص والأمير الروماني الأَرْطِبون، وانتهت وقائعه بانتصار عمرو بن العاص وجنوده.
كما كانت هذه المعارك صراعا على بلاد امتلأت بالقداسة، وزاحم هواءَها عبيرُ النبوة التي عاشت هنا من قبل..
خاض عمرو بن العاص ضد الروم معركة أَجْنَادِين الشرسة، وفتح النصرُ فيها الطريق أمامه إلى بيت المقدس، فبدأ أولا بما حولها من المدن ليمنع عنها المددَ والمساعدة. وبعد حصار طويل انسحب الرومان من القدس، وسلَّم أهلُ المدينة، وطلبوا الصلحَ على أن يأتي أمير المؤمنين عمر بنفسه ليتسلم مفاتيحَها. وفي الجابيةِ التقى عمر بن الخطاب مع قادته في الشام، فتلقَّوْه بالاحترام والإجلال، ثم تسلم مفاتيح بيت المقدس من الأساقفة، وقام ومعه المسلمون بتنظيف الحرم الشريف، وأقام هناك مسجدًا.
وكلف أمير المؤمنين القائدَ معاويةَ بن أبي سفيان بفتح قَيْسَارِيَّةَ وعَسْقَلانَ، ليكتمل فتح فلسطين حتى الشواطئ الغربية المالحة.