صلح الرملة:
استهلكت مواجهة الحملة الصليبية الثالثة (التي جاءت لاسترداد القدس من المسلمين) جهودا ضخمة من صلاح الدين وجيوشه، حتى ملَّ كثيرٌ من جنوده طولَ القتال وشدتَه، لكن القائد الباسل وكبار رجاله راحوا يحثون الناس على الثبات والصبر، ويحمّلونهم مسئولية الذود عن الأمة الإسلامية وعن دينها..
ولم يكن الصليبيون أقلَّ مللا للقتال، الذي كان يكلفهم كل يوم ثمنا باهظا من القتلى والأسرى والأموال والسلاح.. ومع هذا ظلَّ الموقف الحربي ـ في الغالب ـ ثابتا بين الفريقين، فالصليبيون عاجزون عن استعادة بيت المقدس، والمسلمون غير قادرين على إجلاء الغزاة عن السواحل الشامية..
في هذه الأجواء مال الخصمان إلى المسالمة، واتفقا على عقد هدنة بينهما، فعُقدت وتضمنت بنودا: أولها ثبات كل فريق على ما تحت يده من الأرض (وكان للفرنجة حينها الشريط الساحلي الممتد من صور إلى حيفا).. وثاني بنود الاتفاقية: إتاحة الفرصة للصليبيين لزيارة بيت المقدس بغير ضريبة يدفعونها، وثالثها: إيقاف الحرب بين الطرفين ثلاث سنوات..
وهذا البند الأخير يؤكد أن معاهدة الرملة ليست رضىً بالاحتلال، ولا سكوتا على اغتصاب أرض المسلمين، وإنما كان اتفاقا مؤقتا لالتقاط الأنفاس المتسارعة من كثرة الحروب بلا جدوى