أمدائح لي فيكَ أم تسبيحُ | لولاك ما غفرَ الذنوبَ مديحُ |
حُدِّثْتُ أنَّ مَدَائِحي في المُصطفَى | كَفَّارة ٌ لِيَ وَالحَدِيثُ صَحِيحُ |
أربحْ بمن أهدي إليه ثناؤه | إن الكريم لرابحٌ مربوحُ |
يا نَفْسُ دُونَكِ مَدْح أحْمَدَ إنَّهُ | مِسْكٌ تَمَسَّكَ ريحُهُ والرُّوحُ |
ونصيبكِ الأوفى من الذكرِ الذي | منه العَبيرُ لِسامِعِيهِ يَفوح |
إنَّ النبيَّ محمداً مِنْ رَبِّه | كَرَماً بكلِّ فضيلةٍ مَمْنُوحُ |
الله فضلهُ ورجَّحَ قدرهُ | فَلْيَهْنِهِ التَّفضيلُ وَالتَّرْجِيح |
إن جاء بعد المرسلينَ ففضلهُ | من بعده جاء المسيح ونوحُ |
جاءوا بوحيهم وجاء بوحيه | فكأَنه بين الكواكِبِ يُوح |
أنَّى يُكَيِّفُها امرؤٌ وَيَحُدُّها | بالقولِ وهْيَ لِذَا الوُجُودِ الرُّوح |
رَدتْ شهادَتَه أُناسٌ ما لهمْ | طَعْنٌ عليه بها ولا تَجْرِيحُ |
ولقد أتى بالبيناتِ صحيحة | لو أن ناظر من عصاه صحيحُ |
عَرَفوهُ مَعْرِفَة َ اليَقِينِ وأنْكَرُوا | إن الشقيَّ إلى الشقاء جموحُ |
فأَبادَ مَنْ أَبْدى مُخَالَفَة لهُ | لَمْ يُعْرَفِ التَّحْسِينُ وَالتَّقْبِيح |
وجلا ظلامَ الظلمِ لما أومضتْ | وَمَضَتْ لديْه صحائفٌ وَصَفِيح |
شيئانِ لا يَنْفِي الضَّلالَ سِواهُما | نورٌ مفاضٌ أو دمٌ مسفوحُ |
عجباً لهم لم ينكرون نبوَّة | ثَبَتَتْ وَلم يُنْفَخْ بآدَمَ رُوح |
مالي اشتغلتُ بزجرهمْ فكأنني | بين الطوائفِ طارقٌ منبوحُ |
لاتتعبنَّ بذكرهم قلباً غدا | ولهُ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ تَرْوِيحُ |
وانشرْ أحاديثَ النبيِّ فكلُّ ما | ترويهِ من خبرِ الحبيبِ مليحُ |
واذكر مناقبهُ التي ألفاظها | ضاقَ الفضاءُ بذكرها وَاللُّوح |
أعجبتَ أن غدت الغمامة ُ آية ً | يُوحُوا إليهم ما عسَى أَنْ يُوحوا |
أو أن أتت سرحٌ إليه مطيعة ٌ | فكأنما أتتِ الرياضَ سروحُ |
ولِمَنْبَعِ المَاءِ المَعِينِ براحَة ٍ | راح الحصى وله بها تسبيحُ |
أوْ أن يَحِنَّ إليه جِذْعٌ يابِسٌ | شَوْقا وَيَشْكُو بَثَّهُ وَيَنُوح |
حتى دَنا منه النبيُّ وَمَنْ دَنا | منه نأى عن قلبه التبريحُ |
وَبأَنْ يُكَلِّمَهُ الذِّرَاعُ وكيفَ لا | يُفْضِي إِليه بِسِرِّهِ وَيَبوح |
وَبِأَنْ يَرَى الأَعْمَى وَتَنْقَلِبَ العَصا | سيفاً ويحيا الميتُ وهو طريحُ |
وَبأَنْ يُغاثَ الناسُ فيه وقد شكَوْا | محلاً لوجه الأرضِ منهُ كُلُوحُ |
وَبأنْ يَفِيضَ لهُ وَيَعْذُبَ مَنْهَلٌ | قد كانَ مُرًّا ماؤُه المَنْزُوحُ |
يابردَ أكبادٍ أصابَ عطاشها | ماءٌ بِرِيقِ مُحَمَّدٍ مَجْدُوحُ |
صَلّى عليه الله إنَّ صَلاَتَهُ | غَيْثٌ لِعِلاَّتِ الذُّنوبِ مُزِيحُ |
أسرَى الإِله بِجِسْمِهِ فكأَنَّه | بَطلٌ على مَتن البُرَاق مُشِيحُ |
وَدَنَا فلا يَدُ آمِلٍ مُمْتَدَّة ٌ | طَمَعاً وَلا طَرْفٌ إِليهِ طَموحُ |
حتى إذا أوْحَى إليه الله ما | أوحى وحان إلى الرجوع جنوحُ |
عاد البُراقُ به وثوبُ أديمهِ | ليلاً بماء حيائه منضوحُ |
فَذَرُوا شَياطِينَ الأُلى كَفَرُوا به | يوموا إليهم ما عسى أن يوحوا |
تالله ماالشبهات من أقوالهم | إلا كما يتحركُ المذبوح |
كم بين جسمٍ عدَّلَتْ حركاتِه | روحٌ وعودٍ ميَّلته الريحُ |
وَلا النَبيُّ مُحَمَّدٌ وَعُلُومُه | لَمْ يُعْرَفِ التَّحْسِينُ وَالتَّقْبِيحُ |
عَقَدَ الإلهُ به الأُمورَ فَلمْ يَكُنْ | لسِواهُ إمْساكٌ وَلا تَسريحُ |
ضلَّ الذينَ تألهوا أحبارهم | ليَحَرَّموا ويحللُوا ويبيحوا |
يا أُمَّة َ المُخْتَارِ قد عُوفِيتُمُ | مما ابْتُلُوا وَالمُبْتَلَى مَفضوح |
فاسْتَبْشِرُوا بِشِرا الإِله وَبَيْعِكُمْ | منه فميزانُ الوفاء رجيحُ |
وَتَعوَّضوا ثَمَنَ النُّفوسِ مِنَ الهُدَى | فمِنَ الهُدَى ثَمَنُ النُّفُوسِ رَبِيحُ |
يامن خزائنُ جُودهِ مملوءة ٌ | كَرَماً وبابُ عطائِه مَفْتُوحُ |
نَدْعُوكَ عَنْ فَقْرٍ إِليكَ وحاجَة ٍ | ومجالُ فضلكِ للعفاة ِ فسيحُ |
فاصفح عن العبدِ المسيءِ تكرماً | إن الكريمَ عن المسيءِ صفوحُ |
وَاقبلْ رسولَ الله عُذْرَ مُقَصِّرٍ | هُوَ إنْ قَبِلْتَ بِمَدْحِكَ المَمْدُوحُ |
في كلِّ وَادٍ مِنْ صِفاتِكَ هائمٌ | وَبِكلِّ بَحْرٍ مِنْ نَدَاكَ سَبُوح |
يَرْتاحُ إنْ ذُكِرَ الْحِمى وعَقِيقه | وأراكُه وثُمامُه والشِّيح |
شوقاً إلى حرمٍ بطيبة َ آمنٍ | طابَتْ بذلكَ رَوْضَة ٌ وضرِيحُ |
إِني لأرْجُو أنْ تَقَرَّ بِقُرْبِه | عيني ويؤسي قلبي المجروح |
فاكحل بطيفٍ منه طرفاً جفنُه | بدموعهِ حتى يراهُ قريحُ |
فلقد حباني الله فيك محبة ً | قلبي بها إلا عليك شحيحُ |
دَامَتْ عَلَيْك صلاتُه وسلامُه | يَتْلُو غَبُوقَهُمَا لَدَيْك صَبُوحُ |
ما افْتَرَّ ثغْرٌ للأزاهِرِ أَشْنَبُ | وانْهَلَّ دَمْعٌ للسَّحَابِ سَفُوحُ |